صلح الحديبية

صلح الحديبية :

هو الصلح الذي جرى في وادي الحديبية بين المشركين والمسلمين بعد أن علم المشركون بقوة المسلمين وقد حدثت في السنة السادسة من الهجرة .

رأى الرسول عليه الصلاة والسلام رؤيا انه يؤدي مناسك العمرة فبشر أصحابه ففرحوا بذلك فرحا شديدا، فانطلق الرسول ومعه ألف واربعمائة من أصحابه إلى مكة لأداء أول عمرة لهم بعد الهجرة ،قال تعالى: “لقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا(27)” سورة الفتح. فأرسل الرسول عليه الصلاة عثمان بن عفان لإخبار قريش أنهم جاؤوا عمارا لا للقتال.

عندما علم المشركون في مكة بمسير الرسول -صلى الله عليه وسلم- استعدوا لقتاله ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلم غير طريقه ونزل في مكان يسمى وادي الحديبية ، وكان عدد المسلمين قرابة 1400 رجل ، وعندما علم الرسول أن قريش ستمنعه من دخول مكة المكرمة أرسل لهم الصحابي عثمان بن عفان حتى يخبرهم أنه لم يأتِ لقتالهم وأنهم جاؤوا لأداء أول عمرة لهم بعد الهجرة، وبعد انتشار خبر مقتل عثمان أجمع المسلمون على الثأر لمقتله، ودعا الرسول أصحابه إلى بيعة الرضوان تجديدا للعهد مع الله تعالى على نصرة الإسلام وكانت ساعة صدق وشرفا لم يحضرها إلا المؤمنون الصادققن الذين رضي الله عنهم .

فاستجابت قريش إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأرسلت سهيل بن عمر إلى الرسول للاتفاق على صلح أطلق عليه اسم صلح الحديبية ، وقد ورد هذا الصلح في القرآن الكريم في سورة الفتح حيث قال عز وجل :(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً).

شروط صلح الحديبية:

  • حرية دخول أي شخص إلى عهد قريش أو عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
  • منع الحرب لمدة عشر سنوات على التوالي .
  • رجوع المسلمين ذلك العام على أن يدخلو مكة المكرمة معتمرين في العام المقبل بشرط دخول مكة دون سلاح ما عدا
  • السيوف التي في أغمادها، ودخولها بعد أن تخرج قريش منها ، وألا تزيد مدة إقامة المسلمين في مكة المكرمة ثلاثة أيام .
  • حرمة الاعتداء على أي قبيلة أو شخص مهما كانت الأسباب والدوافع .
  • استرجاع المسلمين كل شخص يأتي إليهم من قريش مسلما بغير إذن قريش، وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين.

وبعد أن تمت كتابة هذا الصلح وتحلل نبينا عليه الصلاة والسلام والمسلمون من الإحرامن جاء نسوة مؤمنات مهاجرات من مكة، فأراد الكفار ردهن بموجب الصلح الذي تم فرفض رسول الله- عليه الصلاة والسلام- لأن الكلمة التي كتبت في المعاهدة بهذا الصدد هي: “على ان لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته علينا) فلم تدخل النساء في هذا العهد، ثم رحل المسلمون من الحديبية عائدين إلى المدينة .

وقد حزم بعض الصحابة رضوان الله عليهم لموافقة نبينا عليه الصلاة والسلام على هذا الصلح ن لشعورهم بظلم شروطه، لأنهم كانوا متشوقين إلى دخول مكة، إلا أنهم رغم ذلك كانو واثقين بما يفعله نبينا عليه الصلاة والسلام هو الخير لهم، بل كان أعظم من ذلك، حيث نزلت سورة الفتح بشارة لهم .

“إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)”

نتائج صلح الحديبية :

  • تفرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم لنشر الإسلام، عد أن أمن جانب قريش.
  • تفرغ المسلمين لتسوية الحساب مع يهود خيبر الذين نقضوا عهودهم التي كانت لهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام .
  • دخول قبائل كثيرة إلى حلف المسلمين وعلى رأسهم قبيلة خزاعة .
  • صلح الحديبية كان سببا في فتح مكة .
  • الاعتراف بوجود الدولة الإسلامية .
  • لأن المعاهدات تنشأ بين طرفين متساويين في القوة والعتاد ففي البداية كانت قريش تحارب الدولة الإسلامية ولا تعترف بوجودها سياسيا، ومع صلح الحديبية اعترفت قريش بالدولة الإسلامية،مما أدى إلى اعتراف عدد كبير من القبائل العربية الأخرى بوجود وأهمية الدولة الإسلامية .

الدروس والعبر المستفادة من صلح الحديبية :

  • وجوب طاعة النبي عليه الصلاة والسلام والانقياد له .
  • قبول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمشورة زوجته أم سلمة لتكريم للمرأة .
  • احترام قواعد التفاوض من أهم مميزات أسلوب التفاوض الناجح.
  • الحرص على الوفاء بالعقود وعدم نقضها .
  • نزوع الإسلام نحو منهج السلم وحقن الدماء في تسوية الخلافات أكثر من ميله للحرب وإراقة الدماء .
  • الظلم والطغيان مهما طال زمانه فمصيره لزوال والإندثار .
  • الإسلام دين العفو والتسامح وليس دين الانتقام لعفو الرسول عن أهل قريش لما قال لهم في فتح مكة :” اذهبوا فأنتم الطلقاء”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى